كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


6387 - ‏(‏كل ما فرى الأوداج‏)‏ جمع ودج بالتحريك وهو العرق الذي في الأخدع ‏(‏ما لم يكن قرض‏)‏ بضاد معجمة بخط المصنف ‏(‏سن أو حز ظفر‏)‏ قال ابن الأثير‏:‏ الرواية كل أمر بالأكل وقد ردّها أبو عبيدة وغيره وقالوا‏:‏ إنما هو كل ما أفرى الأوداج أي كل شيء أفرى والفري القطع، أما السنّ والظفر فلا يحل أكل ما ذبح بهما لأنهما لا يفريان ولا يقع بهما غالباً إلا الخنق الذي ليس هو على صورة الذبح، وظاهر الحديث أنه لا فرق بين المتصل والمنفصل وهو مذهب الجمهور، وخصه الحنفية بالمتصل وأحلوا الذبح بالمنفصل وفرقوا بأنه في المتصل في معنى الخنق وبالمنفصل في معنى الآلة المستقلة من خشب أو غيره‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ قال الذهبي‏:‏ إسناده ضعيف‏.‏

6388 - ‏(‏كل ما ردت عليك قوسك‏)‏ قاله لمن قال‏:‏ يا رسول اللّه أفتني في قوسي‏.‏ قال ابن بطال‏:‏ أجمعوا على أن السهم إذا أصاب الصيد فجرحه جاز أكله ولو لم يعلم هل مات بالجرح أو من سقوطه في الهوى أو من وقوعه على الأرض وأنه لو وقع على جبل مثلاً فتردى منه فمات لا يؤكل أو أن السهم إذا لم ينفذ في مقاتله لا يؤكل إلا إذا أدركت ذكاته‏.‏

- ‏(‏حم عن عقبة بن عامر‏)‏ الجهني‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ وفيه راو لم يسم ‏(‏وحذيفة‏)‏ بن اليمان ‏(‏حم ه عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص ‏(‏ه عن ثعلبة‏)‏ جرثوم أو جرهم أو جرثم أو ناشب أو جرثومة أو عرنوف أو ناشر أو لاشن أو لاشر أو لاش أو لاشق، والأشهر الأول وهو ابن عمرو أو ناسب أو ناسم أو ناسر أو لاسن أو ماسح أو لاسم أو جلهم أو حمير أو جرهم أو غير ذلك ‏(‏الخشني‏)‏ بضم الخاء وفتح الشين المعجمتين ثم نون نسبة إلى بني خشين بطن من النمر بن وبرة من قضاعة وكان إسلام أبي ثعلبة قبل خبير وشهد بيعة الرضوان وتوجه إلى قومه فأسلموا، وهذا الحديث رمز المصنف لحسنه‏.‏ قال الحافظ ابن حجر‏:‏ وفيه ابن لهيعة اهـ‏.‏ وقضية صنيع المؤلف أن ابن ماجه قد تفرد بإخراجه من بين الستة وليس كذلك بل هو في أبي داود من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن أبي ثعلبة قال‏:‏ يا رسول اللّه أفتني في قوسي قال‏:‏ كل ما ردت عليك قوسك ذكياً وغير ذكي‏.‏ قال‏:‏ وإن تغيب عني‏؟‏ قال‏:‏ وإن تغيب عنك ما لم يصل أو تجد فيه أثراً غير سهمك، وقوله يصل بصاد مهملة مكسورة ولام ثقيلة أي ينتن‏.‏

‏[‏ص 43‏]‏ 6389 - ‏(‏كل مع صاحب البلاء‏)‏ كأجذم وأبرص ‏(‏تواضعاً لربك وإيماناً‏)‏ فإنه لا يصيبك منه شيء إلا بتقدير اللّه تعالى وهذا خطاب لمن قوي يقينه، أمّا من لم يصل إلى هذه الدرجة فمأمور بعدم أكله معه كما يفيده خبر‏:‏ فر من المجذوم‏.‏

- ‏(‏الطحاوي‏)‏ في مسنده ‏(‏عن أبي ذر‏)‏‏.‏

6390 - ‏(‏كلوا الزيت‏)‏ زيت الزيتون ‏(‏وادّهنوا به‏)‏ من ادهن رأسه على افتعل طلاه بالدهن وتولى ذلك بنفسه‏.‏ قال الزين العراقي‏:‏ والمراد بالادّهان دهن الشعر به وقيده في رواية بدهن شعر الرأس وعادة العرب دهن شعورهم لئلا تشعث لكن لا يحمل الأمر به على الإكثار منه ولا على التقصير فيه بل بحيث لا تشعث رأسه فقط ‏(‏فإنه‏)‏ يخرج ‏(‏من شجرة مباركة‏)‏ لكثرة ما فيها من القوى النفاعة أو لأنها تنبت بالأرض المقدسة التي بورك فيها ويلزم من بركة هذه الشجرة بركة ما يخرج منها من الزيت‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الأطعمة ‏(‏عن عمر‏)‏ بن الخطاب ‏(‏حم ت‏)‏ في الأطعمة ‏(‏ك‏)‏ في التفسير ‏(‏عن أبي أسيد‏)‏ بفتح الهمزة وكسر السين‏.‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ كذا قيده الدارقطني والقول بأنه بالضم لا يصح‏.‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي، وقال ابن عبد البر‏:‏ في سنده من الطريقين اضطراب‏.‏

6391 - ‏(‏كلوا الزيت وادهنوا به‏)‏ قال بعضهم‏:‏ مثال هذا الأمر للإباحة والندب لمن قدر على استعماله ووافق مزاجه ‏(‏فإنه طيب مبارك‏)‏ أي كثير الخير والنفع والأمر فيه وفيما قبله إرشادي كما مر قال ابن القيم‏:‏ الدهن في البلاد الحارة كالحجاز من أسباب حفظ الصحة وإصلاح البدن وهو كالضروري لهم وأما في البلاد الباردة فضارّ وكثرة دهن الرأس به فيها خطر بالبصر‏.‏

- ‏(‏ه ك‏)‏ من حديث عبد اللّه بن سعيد المقبري عن جده ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وصححه فرده الذهبي بأن عبد اللّه واه، وقال الزين العراقي بعد عزوه لابن ماجه وحده‏:‏ فيه عبد اللّه بن سعيد المقبري ضعيف‏.‏

6392 - ‏(‏كلوا الزيت وادهنوا به فإن فيه شفاء من سبعين داء‏)‏ الظاهر أن المراد به التكثير لا التحديد كنظائره يعني أدواء كثيرة ‏(‏منها الجذام‏)‏ ظاهر هذا الخبر وما قبله أن إساغة المائعات تسمى أكلاً فإذن هو يشكل على قولهم في تعريف الأكل هو إيصال ما يتأتى فيه المضغ إلى الجوف ممضوغاً كان أو غيره قال ابن الكمال‏:‏ فإذن لا يكون اللبن والسويق مأكولاً اهـ‏.‏ فالحديث كما ترى صريح في رده‏.‏

- ‏(‏أبو نعيم في‏)‏ كتاب ‏(‏الطب‏)‏ النبوي ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

6393 - ‏(‏كلوا التين‏)‏ في الموجز هو حار قليلاً رطب كثير الماء جيد الغذاء سريع الانحدار واليابس حار لطيف أغذى من جميع الفواكه ‏(‏فلو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة بلا عجم لقلت هي التين وإنه يذهب بالبواسير وينفع من النقرس‏)‏ ويفتح السدد ويدرّ البول وينضج الدماميل ويحسن اللون ويلين ويبرد ويوافق الكلى والمثانة وعلى الريق يفتح مجاري الغذاء‏.‏

- ‏(‏ابن السني وأبو نعيم‏)‏ كلاهما في الطب ‏(‏فر‏)‏ كلهم من حديث يحيى بن أبي كثير عن الثقة ‏(‏عن أبي ذر‏)‏ والذي وقفت عليه لابن السني والديلمي ليس على هذا السياق بل سياقه بعد قوله هي التين وينفع من النقرس اهـ‏.‏

‏[‏ص 44‏]‏ 6394 - ‏(‏كلوا التمر على الريق فإنه‏)‏ مقو للكبد ملين للطبع يزيد في الباه ويغذي كثيراً و ‏(‏يقتل الدود‏)‏ فإنه مع حرارته فيه قوة ترياقية فإذا أديم استعماله على الريق جفف مادة الدود وأضعفه وقتله‏.‏

- ‏(‏أبو بكر في الغلانيات فر‏)‏ وكذا ابن عدي كلهم ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ وفيه أبو بكر الشافعي قال في الميزان‏:‏ شيخ للحاكم متهم بالوضع وعصمة بن محمد قال في الضعفاء‏:‏ تركوه وأورده ابن الجوزي في الموضوعات‏.‏

6395 - ‏(‏كلوا البلح بالتمر‏)‏ قال في المصباح‏:‏ البلح تمر النخل ما دام أخضر فإذا أخذ في التلون فبسر فإذ تكامل لونه فهو الزهو قال ابن القيم‏:‏ إنما أمر بأكله معه دون البسر لأن البلح بارد يابس والتمر حار رطب فكل يصلح للآخر والبسر والتمر حارّان وإن كان التمر أشد حرارة والتمر حار في الثانية وهل هو رطب أو يابس‏؟‏ قولان وهو مقو للكبد ملين يزيد في الباه ويغذي‏.‏ ‏(‏كلوا الخلق بالجديد فإن الشيطان إذا رآه غضب وقال عاش ابن آدم حتى أكل الخلق بالجديد‏)‏ وفي رواية الجديد بالخلق وقال في شرح الألفية‏:‏ معناه ركيك لا ينطبق على محاسن الشريعة لأن الشيطان لا يغضب من حياة ابن آدم بل من حياته مسلماً مطيعاً للّه ومن ثم اتفقوا على نكارته‏.‏

- ‏(‏ن ه ك‏)‏ في الأطعمة ‏(‏عن عائشة‏)‏ قال الدارقطني‏:‏ تفرد به يحيى بن محمد أبو زكير بن هشام قال العقيلي‏:‏ لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به وقال ابن حبان‏:‏ أبو زكير لا يحتج به يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل روي هذا الحديث ولا أصل له ومدار الحديث من جميع طرقه على أبي زكير وفيه أيضاً محمد بن شداد قال الدارقطني‏:‏ لا يكتب حديثه وتابعه نعيم بن حماد عن أبي زكير ونعيم غير ثقة وفي الميزان‏:‏ هذا حديث منكر رواه الحاكم ولم يصححه مع تساهله في التصحيح اهـ‏.‏ ومن ثم أورده ابن الجوزي في الموضوع والحاصل أن متنه منكر وفي سنده ضعفاء والمنكر من قبيل الضعف ففيه ضعف على ضعف إن سلم عدم وضعه‏.‏

6396 - ‏(‏كلوا جميعاً‏)‏ أي مجتمعين كما أمرتم بالصلاة كذلك ‏(‏ولا تفرقوا فإن البركة مع الجماعة‏)‏ وهو محسوس لا سيما إذا كان المجتمعون على الطعام إخواناً على طاعته كما في المطامح قال ابن المنذر‏:‏ يؤخذ منه استحباب الاجتماع على الطعام وأن لا يأكل المرء وحده وفيه إشارة إلى أن المواساة إذا حصلت حصلت النعمة معها والبركة فتعم الحاضرين قال بعضهم‏:‏ وفي الأكل مع الجماعة فوائد منها ائتلاف القلوب وكثرة الرزق والمدد وامتثال أمر الشارع لأنه تعالى أمرنا بإقامة الدين وعدم التفرق فيه ولا يستقيم ذلك إلا بائتلاف القلوب ولا تألف إلا بالاجتماع على الطعام وشر الناس من أكل وحده ومنع رفده كما مر في حديث فمن فعل ذلك وأراد من الناس نصرته على إقامة الدين فقد أتى البيوت من غير أبوابها وربما خذلوه عناداً لبغضهم له إذ البخيل مبغوض ولو كثر تعبده، والسخي محبوب ولو فاسقاً كما هو مشاهد‏.‏

- ‏(‏ه‏)‏ من حديث عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم عن أبيه ‏(‏عن عمر‏)‏ بن الخطاب رمز لحسنه وليس كما ظنه فقد ضعفه المنذري قال‏:‏ فيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير واهي الحديث وقال ابن حجر‏:‏ عمرو بن دينار هذا ضعفوه وهو غير عمرو بن دينار شيخ ابن عيينة ذاك وثقوه‏.‏

6397 - ‏(‏كلوا جميعاً ولا تفرقوا‏)‏ بحذف إحدى التاءين ‏(‏فإن طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الثلاثة ‏[‏ص 45‏]‏ والأربعة كلوا جميعاً ولا تفرقوا‏)‏ بحذف إحدى التاءين ‏(‏فإن البركة في المجاعة‏)‏ قال ابن حجر‏:‏ يؤخذ منه أن الكفاية تنشأ عن بركة الاجتماع وأن الجمع كلما كثر ازدادت البركة ونقل إسحاق بن راهويه عن جبير أن معنى الحديث أن الطعام الذي يشبع الواحد يكفي قوت الاثنين والذي يشبع الاثنين يكفي قوت أربعة وفيه أن لا ينبغي للمرء أن يحتقر ما عنده فيمتنع من تقديمه فإن القليل قد يحصل به الاكتفاء بمعنى حصول سد الرمق وقيام البنية لا حقيقة الشبع‏.‏

- ‏(‏العسكري في‏)‏ كتاب ‏(‏المواعظ عن عمر‏)‏ بن الخطاب ورواه أيضاً عنه الطبراني في الأوسط بدون قوله فإن البركة إلخ وضعفه المنذري‏.‏

6398 - ‏(‏كلوا لحوم الأضاحي‏)‏ قال ابن العربي‏:‏ لما كان إراقة دم الأضحية للّه أذن في أكلها رحمة وقد كان القرابين لا تؤكل في سائر الشرائع فمن خصائص هذه الأمة أكل قرابينها ‏(‏وادخروا‏)‏ قاله لهم بعد ما نهاهم عن الادخار فوق ثلاث لجهد أصاب الناس ذلك العام فلم يضحي إلا بعضهم فحثهم على المواساة فلما زالت العلة ارتفع النهي عن الادخار فرخص لهم فيه فالأمر للإباحة لا للوجوب خلافاً للظاهرية وأفهم اقتصاره عليها عدم جواز البيع واتفقوا عليه لكن اختلف في الجلد فجوز أبو حنيفة بيعه بما ينتفع به ومنعه الجمهور‏.‏

- ‏(‏حم ك‏)‏ في الأضحية ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ الخدري ‏(‏وقتادة بن النعمان‏)‏ قال الحاكم‏:‏ على شرطهما وأقره الذهبي وقال زين الحفاظ‏:‏ ودخل في عمومه المنفرد والآكل مع غيره وفيه احتمال للخطابي‏.‏

6399 - ‏(‏كلوا في القصعة من جوانبها ولا تأكلوا من وسطها‏)‏ بالتحريك وقد يسكن ‏(‏فإن البركة تنزل في وسطها مع ما فيه من القناعة والبعد عن الشره والنهمة والأمر للإرشاد أو الندب بل قيل للوجوب قال زين الحفاظ العراقي‏:‏ وجه النهي عن الأكل من الوسط أن وجه الطعام أفضله وأطيبه فإذا قصده بالأكل استأثر به على رفقته وهو ترك أدب وسوء عشرة فأما إذا أكل وحدة فلا حرج والمراد بالبركة هنا الإمداد من اللّه وقال ابن العربي‏:‏ البركة في الطعام لمعان كثيرة فمنها استمراره وصونه عن مرور الأيدي عليه فتتقذره النفس وأن زبدة المرق في الوسط فإذا أخذ الطعام من الحواشي ينتثر عليه شيئاً فشيئاً وإن أخذه من أعلاه فما بعده دونه في الطيب اهـ‏.‏ قال الزين‏:‏ وشمل عموم الطعام الخبز فلا يأكل من وسط الرغيف كما في الإحياء بل يأكل من استدارته إلا إذا قل الخبز ويندب الأكل مما يلي الآكل ويكره مما يلي غيره قال في المطامح‏:‏ وهل للآكل أن يدير الصفحة إذا وضعها ربها أم لا لأن مالكها أملك بوضعها‏؟‏ ذهب جماعة من المحدثين إلى الثاني‏.‏

- ‏(‏حم هق عن ابن عباس‏)‏ رمز المصنف لحسنه‏.‏

6400 - ‏(‏كلوا من حواليها‏)‏ يعني القصعة التي فيها الطعام ‏(‏وذروا ذروتها‏)‏ أي اتركوا أعلاها ووسطها ندباً لا وجوباً وبين وجه ذلك بقوله ‏(‏يبارك فيها‏)‏ فإنكم إذا فعلتم ذلك يبارك فيها وليس المراد ترك الأكل من الأعلى والوسط بل إنه يبدأ بالأكل من حواليها حتى ينتهي إلى الوسط فيأكل ثم يلحسها فإنها تستغفر له كما يأتي في حديث، زاد البيهقي‏:‏ ثم قال‏:‏ فوالذي نفسي بيده ليفتحن عليكم فارس والروم حتى يكثر الطعام فلا يذكر عليه بسم اللّه‏.‏

- ‏(‏د ه عن عبد اللّه بن بسر‏)‏ بضم الموحدة ومهملة كان للنبي صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم قصعة يقال لها الغراء يجملها أربعة رجال فلما أصبحوا وسجدوا الضحى أتى بتلك القصعة يعني وقد ثرد فيها فالتفوا عليها فلما كثروا جثا رسول اللّه ‏[‏ص 46‏]‏ صلى اللّه عليه وسلم فقال أعرابي‏:‏ ما هذه الجلسة قال‏:‏ إن اللّه جعلني عبداً كريماً ولم يجعلني جباراً عنيداً ثم قال‏:‏ كلوا فذكره قال في الرياض‏:‏ إسناده حسن ورواه عنه أيضاً البيهقي في السنن قال في المهذب‏:‏ وإسناده صالح‏.‏

6401 - ‏(‏كلوا بسم اللّه‏)‏ أي قائلين بسم اللّه ‏(‏من حواليها وأعفوا رأسها‏)‏ عن الأكل ‏(‏فإن البركة تأتيها من فوقها‏)‏ قال في المطامح‏:‏ تحقيق هذه البركة وكيفية نزولها أمر إيماني لا يطلع على حقيقته وأخذ منه ابن العربي أن الآكل يأكل الرغيف على ثلاث وثلاثين لقمة ويستدير من الجوانب حتى ينتهي إلى الوسط كما يشير إليه قوله فإن البركة تأتيها من فوقها إلى هنا كلامه فأما ما ذكره من الأكل من حواليها فقد يسلم وأما هذا العدد فليس في الحديث دلالة عليه البتة‏.‏

- ‏(‏ه عن واثلة‏)‏ بن الأسقع وفيه ابن لهيعة‏.‏

6402 - ‏(‏كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف‏)‏ أي مجاوزة حد ‏(‏ولا مخيلة‏)‏ كعظيمة بمعنى الخيلاء وهو التكبر وقيل بوزن مفعلة من اختال إذا تكبر أي بلا عجب ولا كبر ‏{‏والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا‏}‏ ولفظ رواية النسائي وابن ماجه ‏"‏كلوا واشربوا وتصدقوا ما لم يخف إسراف ولا مخيلة‏"‏ وهذا الخبر جامع لفضائل تدبير المرء نفسه والإسراف يضر بالجسد والمعيشة والخيلاء تضر بالنفس حيث تكسبها العجب وبالدنيا حيث تكسب المقت من الناس وبالآخرة حيث تكسب الإثم‏.‏

- ‏(‏حم ن ه ك عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص وقال الحاكم‏:‏ صحيح وهو عندهم من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال المنذري‏:‏ ورواته إلى عمرو ثقات محتج بهم في الصحيح‏.‏

6403 - ‏(‏كلوا السفرجل فإنه يجلي عن الفؤاد ويذهب بطخاء الصدر‏)‏ قال أبو عبيد‏:‏ الطخاء ثقل وغشاء يقال ما في السماء طخاء أي سحاب وظلمة قال الزمخشري‏:‏ عن جعفر بن محمد ريح الملائكة ريح الورد وريح الأنبياء ريح السفرجل وريح الآس ريح الحور‏.‏

- ‏(‏ابن السني‏)‏ أحمد بن محمد بن إسحاق ‏(‏وأبو نعيم‏)‏ في الطب ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه‏.‏

6404 - ‏(‏كلوا السفرجل على الريق فإنه يذهب وغر الصدر‏)‏ أي غليه وحرارته والسفرجل بارد قابض جيد للمعدة والحلو منه أقل برداً ويبساً والحامض أشد يبساً وبرداً وأكله يسكن الظمأ والقيء ويدر البول ويعقل البطن وينفع من قرحة الأمعاء ونفث الدم والهيضة ويمنع الغثيان وتصاعد الأبخرة إذا استعمل بعد الطعام ويقوي المعدة والكبد ويشد القلب ويسكن النفس‏.‏

- ‏(‏ابن السني وأبو نعيم‏)‏ معاً في الطب ‏(‏فر عن أنس‏)‏ وفيه محمد بن موسى الحوشي قال الذهبي‏:‏ قال أبو داود‏:‏ ضعيف عن عيسى بن شعيب قال ابن حبان‏:‏ يستحق الترك‏.‏

6405 - ‏(‏كلوا السفرجل فإنه يجم الفؤاد‏)‏ أي يريحه وقيل يفتحه ويوسعه من جمام الماء وهو اتساعه وكثرته ‏(‏ويشجع القلب‏)‏ أي يقويه ‏(‏ويحسن الولد‏)‏ قيل يجمعه على صلاحه ونشاطه قال الحرالي‏:‏ كان النبي صلى اللّه عليه وسلم كثيراً ما ينبه على حكمة اللّه في الأشياء التي بها يتناول أو يجتنب عملاً بقوله تعالى ‏{‏يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة‏}‏ فكان يبين لهم حكمة اللّه في المتناول من مخلوقاته ومعرفة أخص منافعها مما خلقه ليكون غذاء في سعته أو ضرورة أو إداماً أو فاكهة ودواء كذلك ومعرفة موازنة ما بين الانتفاع بالشيء ومضرته واستعماله على حكم الأغلب من منفعته ‏[‏ص 47‏]‏ واجتنابه على حكم الأغلب من مضرته‏.‏

- ‏(‏فر عن عوف بن مالك‏)‏ وفيه عبد الرحمن العرزمي أورده الذهبي في الضعفاء ونقل تضعيفه عن الدارقطني قال ابن الجوزي‏:‏ ليس لخبر السفرجل مدار يرجع إليه وقال ابن القيم‏:‏ روي في السفرجل أحاديث هذا منها ولا تصح‏.‏

6406 - ‏(‏كما تكونوا يولى عليكم‏)‏ فإذا اتقيتم اللّه وخفتم عقابه ولى عليكم من يخافه فيكم وعكسه وفي بعض الكتب المنزلة أنا اللّه ملك الملوك قلوب الملوك ونواصيهم بيدي فإن العباد أطاعوني جعلتهم عليهم رجمة وإن هم عصوني جعلتهم عليهم عقوبة فلا تشتغلوا بسب الملوك ولكن توبوا إليَّ أعطفهم عليكم ومن دعاء المصطفى صلى اللّه عليه وسلم اللّهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا وروى الطبراني عن كعب الأحبار أنه سمع رجلاً يدعو على الحجاج فقال‏:‏ لا تفعل إنكم من أنفسكم أتيتم فقد روي أعمالكم عمالكم وكما تكونوا يولى عليكم‏.‏

- ‏(‏فر‏)‏ وكذا القضاعي كلاهما من حديث يحيى بن هاشم عن يونس بن إسحاق عن أبيه عن جده ‏(‏عن أبي بكرة‏)‏ مرفوعاً قال السخاوي‏:‏ ورواية يحيى في عداد من يضع ‏(‏هب‏)‏ من جهة يحيى بن هشام عن يونس بن إسحاق ‏(‏عن أبي إسحاق‏)‏ عمر بن عبد اللّه ‏(‏السبيعي مرسلاً‏)‏ بلفظ كما تكونون كذلك يؤمر عليكم ثم قال‏:‏ هذا منقطع وراويه يحيى بن هشام ضعيف والسبيعي بفتح المهملة وكسر الموحدة وسكون المثناة تحت وعين مهملة نسبة إلى سبيع بطن من همدان وله طريق أخرى مسندة عند ابن جميع في معجمه والقضاعي من جهة أحمد بن عثمان الكرماني عن المبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة مرفوعاً قال ابن طاهر‏:‏ والمبارك وإن ذكر بشيء من الضعف فالعمدة على من رواه عنه فإن فيهم جهالة‏.‏

6407 - ‏(‏كما لا يجتنى من الشوك العنب كذلك لا ينزل الفجار منازل الأبرار وهما طريقان فأيهما أخذتم أدركتم‏)‏ إليه وفي رواية للعسكري وهما طريقان في أيهما سلكتم وردتم على أهله وفي رواية فأيهما أخذتم أدتكم إليه وهذا الحديث قد عده العسكري وغيره من الحكم والأمثال‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه وكذا ابن منيع والعسكري ‏(‏عن أبي ذر‏)‏ وفيه مكبر بن عثمان التنوخي قال في الميزان عن ابن حبان‏:‏ منكر الحديث جداً ثم ساق من مناكيره هذا الخبر‏.‏

6408 - ‏(‏كما لا يجتنى من الشوك العنب كذلك لا ينزل الفجار منازل الأبرار فاسلكوا أي طريق شئتم فأي طريق سلكتم وردتم على أهله‏)‏ فمن سلك طريق أهل اللّه ورد عليهم فصار من السعداء ومن سلك طريق الفجار ورد عليهم وكان منهم فصار من الأشقياء والإنسان مع من أحب ومن تشبه بقوم فهو منهم والعبد يبعث على ما مات عليه‏.‏

- ‏(‏حل عن يزيد بن مرثد مرسلاً‏)‏‏.‏

6409 - ‏(‏كما لا ينفع مع الشرك شيء كذلك لا يضر مع الإيمان شيء‏)‏ وفي رواية لأبي نعيم أيضاً كما لا يضر مع الإيمان ذنب لا ينفع مع الشرك عمل انتهى‏.‏ وأراد بالإيمان الحقيقي الكامل الذي يملأ القلب نوراً فتستأنس النفس وتصير تحت سلطنته وقهره فهذا هو الذي لا يضر معه شيء من الأشياء إذ الإيمان كما في شرح الحكم قد يكون بالغيب وقد يكون عن كشف وشهود وهو الحقيقي‏.‏

- ‏(‏خط عن عمر‏)‏ بن الخطاب وفيه منذر بن زياد الطائي وعنه حجاج بن ‏[‏ص 48‏]‏ نصير ومنذر قال في الميزان عن الدارقطني‏:‏ متروك الحديث وساق له ابن عدي مناكير منها هذا الخبر وقال الفلاس‏:‏ كان كذاباً وحجاج ضعفه ابن معين وغيره وقال البخاري‏:‏ متروك ‏(‏حل‏)‏ من حديث يحيى بن اليمان عن سفيان عن إبراهيم بن محمد المنتشر عن أبيه عن مسروق ‏(‏عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص ثم قال أبو نعيم‏:‏ غريب من حديث الثوري عن إبراهيم تفرد به يحيى بن اليمان ويحيى بن اليمان ثقة من رجال مسلم لكنه فلج في آخر عمره فساء حفظه‏.‏

6410 - ‏(‏كما يضاعف لنا‏)‏ معشر الأنبياء ‏(‏الأجر‏)‏ أي الثواب ورفع الدرجات ‏(‏يضاعف علينا البلاء‏)‏ وأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل كما سبق ولذلك كان على المصطفى صلى اللّه عليه وسلم من التشديدات في التكليفات ما لم يكن على غيره وكان يوعك كما يوعك الرجلان‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏عن عائشة‏)‏ رمز المصنف لحسنه‏.‏

6411 - ‏(‏كما تدين تدان‏)‏ أي كما تفعل تجازى بفعلك وكما تفعل يفعل معك سمى الفعل المبتدأ جزاء والجزاء هو الفعل الواقع بعده ثواباً كان أو عقاباً للمشاكلة كما في ‏{‏وجزاء سيئة سيئة مثلها‏}‏ مع أن الجزاء المماثل مأذون فيه شرعاً فيكون حسناً لا سيئاً قال الميداني في ذلك‏:‏ ويجوز إجراؤه على ظاهره أي كما تجازي أنت الناس على صنيعهم تجازى أنت على صنيعك والكاف في محل نصب للمصدر أي تدان ديناً مثل دينك والقصاص إن لم يكن فيك أخذ من ذريتك ولهذا قال تعالى ‏{‏وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا اللّه‏}‏ فاتق اللّه في أولاد غيرك يحفظك في ذريتك وييسر لهم ببركة تقواك ما تقر به عينك بعد موتك وإن لم تتق اللّه فيهم فأنت مؤاخذ بذلك في نفسك وذريتك وما فعلته كله يفعل بهم وهم وإن كانوا لم يفعلوا لكنهم تبعاً لأولئك الأصول وناشئون عنهم ‏{‏والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكداً‏}‏‏.‏

- ‏(‏عد‏)‏ من جهة مكرم بن عبد اللّه الجوزجاني عن محمد بن عبد الملك الأنصاري عن نافع ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ ثم ضعفه بمحمد المذكور فعزو الحديث لمخرجه وحذفه من كلامه وتصريحه بتضعيفه غير صواب قال الزركشي‏:‏ ورواه البيهقي في الأسماء والصفات وفي الزهد عن أبي قلابة مرسلاً بلفظ الذنب لا ينسى والبر لا يبلى والديان لا يموت وكما تدين تدان وبه يتقوى وقال ابن حجر‏:‏ له شاهد مرسل خرَّجه عبد الرزاق عن أبي قلابة يرفعه قال‏:‏ ورجاله ثقات ورواه أحمد في الزهد عن أبي قلابة قال‏:‏ قال أبو الدرداء فذكره‏.‏

6412 - ‏(‏كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على اللّه لأبره‏)‏ أي لأمضى ما أقسم لأجله ‏(‏منهم البراء بن مالك‏)‏ أخو أنس لأبويه قال أنس‏:‏ ثم إن البراء لقي زحفاً من المشركين وقد أوجع المشركون في المسلمين فقالوا‏:‏ يا براء إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ لو أقسمت على ربك عز وجل لأبرك فأقسم على ربك فقال‏:‏ أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم فمنحوا أكتافهم ثم التقوا على قنطرة السوس فأوجعوا في المسلمين فقالوا‏:‏ أقسمت يا براء على ربك قال‏:‏ أقسم عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم وألحقتني بنبيك فمنحوا أكتافهم وقتل البراء شهيداً رواه أبو نعيم وغيره عن أنس‏.‏

- ‏(‏ت والضياء‏)‏ في المختارة ‏(‏عن أنس‏)‏ ورواه عنه أيضاً الحاكم وصححه أبو نعيم‏.‏

6413 - ‏(‏كم من ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على اللّه لأبره منهم عمار بن ياسر‏)‏ قال الزين العراقي‏:‏ وقد قلت في ذلك‏:‏ ‏[‏ص 49‏]‏

لا تحسب الفخر في لبس وتدريع * ووصف حسن وزي غير مشروع

فرب أشعث ذي طمرين مدفوع * إن قال قولا تراه غير مسموع

لكنه عند رب الناس ذي قسم * بر إذا رام أمراً غير ممنوع

تنبيه‏:‏ قال ابن عربي‏:‏ هؤلاء الذي أرادهم بهذا الحديث هم الرجال المسمون بالملامتية الذين حلوا من الولاية أقصى درجاتها وهذا ما يسمى مقام القرب اقتطعهم للّه إليه وحبسهم في خيام الأعمال الظاهرة فلا يعرفون بخرق العوائد فلا يلفت إليهم بل هم غامضون في الناس مغمورون فيهم وقد قال بعضهم في صفتهم لما سئل عن قولهم‏:‏ العارف مسود الوجه في الدنيا والآخرة أي مستغرقاً لأوقاته كلها في تجليات الحق له فلا يرى نفسه ولا مقامه كوناً من الأكوان والأكوان في نور الحق ظلمة فلا يشهد إلا سواد الدوام التجلي عليه فهو مع الحق في الدارين أو المراد بالتسويد السيادة وبالوجه حقيقة الإنسان أي له السيادة في الدارين واعلم أن الظهور للرسل كمال وللأولياء نقص لأن الرسل مضطرون إليه لأجل التشريع بخلاف الأولياء فإن اللّه أكمل لهم الدين فكمال حالهم ستر مرتبتهم عن نفوسهم فضلاً عن غيرهم فمن منازل صونهم أداء الفريضة مع الجماعة ولا يتوطن مكاناً في المسجد وإذا كلمه الناس كلمهم ورأى الحق عليه رقيباً في كلامه وإذا سمع كلامهم سمع كذلك ويقلل مجالسة الناس حتى جيرانه لئلا يشعر به ويقضي حاجة الصغير والأرملة ويلاعب أولاده وأهله بما يرضي اللّه ويمزج ولا يقول إلا حقاً وإن عرف في موضع انتقل إلى غيره فإن لم تمكنه النقلة استقضى من يعرفه وألح عليه في حوائجه حتى ينفي عنه وإن كان عنده مقام التحول في الصورة تحول كما كان قضيب البان وهذا كله حيث لم يرد الحق إظهاره‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن عائشة‏)‏ ورواه أيضاً الطبراني في الأوسط عنها باللفظ المزبور فما أوهمه صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد ممن وضع لهم الرموز غير جيد قال الهيثمي‏:‏ وسنده ضعيف لكنه يجبر بتعدده فقد رواه الرافعي في أماليه أيضاً‏.‏

6414 - ‏(‏كم من عذق‏)‏ بكسر العين المهملة غصن من نخلة وأما بفتحها فالنخلة بكمالها وليس مراداً هنا ‏(‏معلق لأبي الدحداح‏)‏ بدالين وحاءين مهملات ولا يعرف اسمه ‏(‏في الجنة‏)‏ جزاء له على جبره لخاطر اليتيم الذي خاصمه أبو لبانة في نخلة فبكى فاشتراها أبو الدحداح من أبي لبابة بحديقة فأعطاها اليتيم فبإشارة الباقي على الفاني جوزى بتكثير النخل في الجنة فوق ما لأمثاله والجزاء من جنس العمل‏.‏

- ‏(‏حم م د ت عن جابر بن سمرة‏)‏ ورواه عنه الطيالسي أيضاً‏.‏

6415 - ‏(‏كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة يقول يا رب هذا أغلق بابه دوني فمنع معروفه‏)‏ فيه تأكيد عظيم لرعاية حق الجار والحث على مؤاساته وإن جار وذلك سبب للائتلاف والاتصال فإن أهان كل أحد جاره انعكس الحال‏.‏

- ‏(‏خد عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ورواه عنه أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ والديلمي والأصفهاني وضعفه المنذري‏.‏

6416 - ‏(‏كم من عاقل عقل عن اللّه أمره وهو حقير عند الناس ذميم المنظر‏)‏ ينجو إذا وقف على معرفة نفسه واشتغل بالعلم بحقائقه من حيث هو إنسان فلم ير فرقاً بينه وبين العالم الأكبر ورأى أنه مطيع للّه ساجد له قائم بما تعين عليه من عبادة خالقه فطلب الحقيقة التي يجتمع فيها مع العالم فلم يجد إلا الإمكان والافتقار والذلة والخضوع والمسكنة ‏[‏ص 50‏]‏ ثم رأى أن العالم فطر على عبادة ربه فافتقر هذا العاقل إلى من يرشده وينزله الطريق المقربة إلى سعادته لما سمع قوله سبحانه ‏{‏وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون‏}‏ فعبده بالافتقار إليه كما عبده سائر العالم ثم رأى أن اللّه قد حد له حدوداً ونهاه عن تعديها وأن يأتي من أمره بما استطاع فتعين عليه العلم بما شرعه اللّه يقيم عبادته الفرعية كما أقام الأصلية فعلمها فإذا علم أمر ربه ونهيه ووفى حقه وحق عبوديته فقد عرف نفسه ومن عرف نفسه عرف ربه ومن عرف ربه فهو من الناجين الفرجين يوم القيامة ‏(‏وكم من ظريف اللسان جميل المنظر عظيم الشأن هالك غداً في القيامة‏)‏ لسوء عمله وكآبة منقلبه وقبح سيرته وسوء سريرته إن اللّه لا ينظر إلى صوركم وإنما ينظر إلى قلوبكم فالقلب هو محل نظر الحق فلا عبرة بحسن الظاهر وزخرف اللسان مع خبث الجنان‏.‏

- ‏(‏هب‏)‏ من حديث نهشل بن سعيد عن عبادة بن كثير عن عبد اللّه بن دينار ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ثم قال أعني البيهقي‏:‏ تفرد به نهشل بن عباد اهـ‏.‏ ونهشل هذا قال الذهبي‏:‏ قال ابن راهويه‏:‏ كان كذاباً وعباد بن كثير قال البخاري‏:‏ تركوه وعبد اللّه بن دينار قال الذهبي‏:‏ ليس بالقوي‏.‏

6417 - ‏(‏كم ممن‏)‏ وفي رواية من ‏(‏أصابه السلاح ليس بشهيد ولا حميد وكم ممن قد مات على فراشه وحتف أنفه عند اللّه صديق شهيد‏)‏ قال في الفردوس‏:‏ قال أبو عبيد‏:‏ يقال مات فلان حتف أنفه إذا مات على فراشه وقال غيره‏:‏ قيل له ذلك لأن نفسه تخرج بتنفسه من فيه وأنفه وغلب أحد الاسمين على الآخر لتجاورهما وأصل هذا الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال‏:‏ من تعدون الشهيد فيكم قالوا‏:‏ من أصابه السهم فذكره وعلى ذلك ترجم البخاري باب لا يقال فلان شهيد أي على سبيل القطع والجزم إلا أن يكون بالوحي فالمقصود بالحديث النهي عن تعيين وصف واحد بعينه بأنه شهيد بل يجوز أن يقال ذلك على طريق الإجمال‏.‏

- ‏(‏حل‏)‏ من حديث عبد اللّه بن خبيق عن يوسف بن أسباط عن حماد عن أبي عمران الجوني عن عبد اللّه بن الصامت ‏(‏عن أبي ذر‏)‏ قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ من تعدون الشهيد فيكم قالوا‏:‏ من أصابه السلاح فذكره ثم قال أبو نعيم‏:‏ غريب بهذا الإسناد واللفظ لم نكتبه إلا من حديث يوسف اهـ ويوسف بن أسباط أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ وثقه يحيى وقال أبو حاتم‏:‏ لا يحتج به وقال ابن حجر‏:‏ في إسناده نظر فإنه من رواية عبد اللّه بن خبيق بمعجمة ثم موحدة وقاف مصغراً عن يوسف بن أسباط الزاهد‏.‏

6418 - ‏(‏كم من حوراء عيناء‏)‏ أي واسعة العين بيضاء أعدت لرجل في الجنة ‏(‏وما كان مهرها‏)‏ في الدنيا ‏(‏إلا‏)‏ شيئاً قليلاً مثل ‏(‏قبضة‏)‏ قبضها ‏(‏من حنطة أو مثلها من تمر‏)‏ وناولها لمسكين قاصداً بها وجه اللّه تعالى فيثيبه بها زوجة في الجنة من الحور العين وتتعدد الزوجات بتعدد القبضات سبحان الكريم ما أوسع عطاءه‏.‏

- ‏(‏عق‏)‏ عن أحمد بن محمد النصيبي عن هشام بن عبد الملك عن عقبة بن السكن الفزاري عن أبان بن المجبر عن نافع ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال ابن حبان‏:‏ باطل وأبان متروك وقال مخرجه العقيلي‏:‏ لا يتابعه عليه إلا من هو مثله أو دونه وفي الميزان عن ابن حبان‏:‏ حديث باطل وقال الأزدي‏:‏ أبان متروك الحديث وقال ابن حبان‏:‏ لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه ومن ثم أورده ابن الجوزي في الموضوعات وأقره عليه المؤلف في مختصرها فلم يتعقبه‏.‏

6419 - ‏(‏كم من مستقبل يوماً لا يستكمله غداً ومنتظر غداً لا يدركه‏)‏ بين به أن على العاقل أن يروض نفسه ويكشف لها حالة ‏[‏ص 51‏]‏ الأجل ويصرفها عن غرور الأمل حتى لا يطول الأمل أجلاً قصيراً ولا ينسيه موتاً ولا نشوراً والليل والنهار يتراكضان تراكض البريد يقربان كل بعيد ويخلقان كل جديد قال رجل لزاهد في البصرة‏:‏ ألك حاجة ببغداد قال‏:‏ ما أحب أن أشط أملي بمن يذهب لبغداد ويجيء أما سمعت قول عيسى عليه السلام الدنيا ثلاثة أيام أمس مضى ما بيدك منه وغداً لا تدري أتدركه أم لا ويوم أنت فيه فاغتنمه وقال إمام الحرمين‏:‏ الدنيا ثلاثة أنفاس نفس مضى عملت فيه ما عملت ونفس أنت فيه ونفس لا تدري أتدركه أم لا إذ كم من تنفس نفساً ففاجأه الموت قبل النفس الآخر فلست تملك إلا نفساً واحداً لا يوماً ولا ساعة فبادر في هذا النفس إلى الطاعة قبل الفوت وإلى التوبة قبل الموت ولا تهتم بالرزق فلعلك لا تبقى حتى تحتاج إليه فيكون وقتك ضائعاً والهم فاضلاً‏.‏

- ‏(‏فر عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب وفيه عون بن عبد اللّه أورده في اللسان ونقل عن الدارقطني ما يفيد تضعيفه‏.‏

6420 - ‏(‏كمل‏)‏ بتثليث الميم لكن الكسر ضعيف والكمال المتناهي والتمام ‏(‏من الرجال كثير‏)‏ لأن كمال المرء في سبعة العلم والحق والعدل والصواب الصدق والأدب والكمال في هذه الخصال موجود في كثير من الرجال بفضل العقول وتفاوتها لأن المعرفة تبع للعقل والنساء ناقصات عقل فعقلهن على النصف من الرجال ولهذا عدلت شهادة اثنتين رجلاً ‏(‏ولم يكمل‏)‏ بضم الميم ‏(‏من النساء إلا آسية‏)‏ بنت مزاحم قيل من العمالقة وقيل من بني إسرائيل من سبط موسى وقيل عمة موسى وقيل بنت عمة فرعون ‏(‏امرأة فرعون‏)‏ أعدى أعداء اللّه الناطق بالكلمة العظمى ‏(‏ومريم بنت عمران‏)‏ أم عيسى فإنهما برزتا على الرجال لما أعطيتا من سلوك السبيل إلى اللّه ثم الوصول إليه ثم الاتصال به والمراد بالكمال هنا التناهي في الفضائل والبر والتقوى وحسن الخصال وتمسك به من زعم نبوة مريم وآسية لأن كمال البشر إنما هو في مقام النبوة وارد بأن الكمال في شيء ما يكون حصوله للكامل أوفى من غيره والنبوة ليست أولى للنساء لبنائها على الظهور للدعوة وحالهن الاستنكار والكمال في حقهن الصديقية ثم الظاهر أنهما خير نساء عصرهما والتفضيل بينهما مسكوت عنه وعلم من دليل منفصل أن مريم أفضل وزادت عليهما فاطمة بزيادة كمال من كمال أبويها ‏(‏وأن فضل عائشة‏)‏ بنت أبي بكر الصديق ‏(‏على النساء‏)‏ أي نساء هذه الأمة ‏(‏كفضل الثريد‏)‏ بالمثلثة ‏(‏على سائر الطعام‏)‏ لا تصريح فيه بأفضلية عائشة على غيرها لأن فضل الثريد على غيره إنما هو لسهولة مساغه وتيسر تناوله وكان يومئذ جلّ طعامهم‏.‏

تنبيه‏:‏ قال ابن عربي‏:‏ كمال الوجود وجود النقص فيه إذ لو لم يكن كان كمال الوجود ناقصاً لعدم لنقص فيه قال تعالى ‏{‏أعطى كل شيء خلقه ثم هدى‏}‏ فما نقصه شيئاً حتى النقص أعطاه فهذا كمال العلم وللّه كمال يليق به وللإنسان كمال يليق به ومن نقص من الناس عن هذا الكمال فذلك النقص الذي في العالم لأن الإنسان من جملة العالم وما كل إنسان يقبل الكمال وما عداه فكامل في مرتبته لا ينقص شيء بنص القرآن فما ظهر في العالم نقص إلا في الإنسان لأنه مجموع حقائق العالم وهو المختصر الوجيز منه‏.‏

- ‏(‏حم ق ت عن أبي موسى‏)‏ الأشعري رواه عنه النسائي أيضاً‏.‏

6421 - ‏(‏كن في الدنيا كأنك غريب‏)‏ أي عش بباطنك عيش الغريب عن وطنه بخروجك عن أوطان عاداتها ومألوفاتها بالزهد في الدنيا والتزود منها للآخرة فإنها الوطن أي أن الآخرة هي دار القرار كما أن الغريب حيث حلّ نازع لوطنه ومهما نال من الطرف أعدها لوطنه وكلما قرب مرحلة سره وإن تعوق ساعة ساءه فلا يتخذ في سفره المساكن ‏[‏ص 52‏]‏ والأصدقاء بل يجتزئ بالقليل قدر ما يقطع به مساقة عبوره لأن الإنسان إنما أوجد ليمتحن بالطاعة فيثاب أو بالإثم فيعاقب ‏{‏ليبلوكم أيكم أحسن عملاً‏}‏ فهو كعبد أرسله سيده في حاجة فهو إما غريب أو عابر سبيل فحقه أن يبادر لقضائها ثم يعود إلى وطنه وهذا أصل عظيم في قصر الأمل وأن لا يتخذ الدنيا وطناً وسكناً بل يكون فيها على جناح سفر مهيأ للرحيل وقد اتفقت على ذلك وصايا جميع الأمم وفيه حث على الزهد والإعراض عن الدنيا والغريب المجتهد في الوصول إلى وطنه لا بدّ له من مركب وزاد ورفقاء وطريق يسلكها فالمركب نفسه ولا بدّ من رياضة المركوب ليستقيم للراكب والزاد التقوى والرفقاء الذين أنعم اللّه عليهم من النبيين والصديقين والصراط المستقيم وإذا سلك الطريق لم يزل خائفاً من القطاع إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ‏(‏أو عابر سبيل‏)‏ قال الطيبي‏:‏ الأحسن جعل أو بمعنى بل شبه الناسك السالك بغريب لا مسكن له يأويه ثم ترقى وأضرب عنه إلى عابر سبيل لأن الغريب قد يسكن بلد الغربة وابن السبيل بينه وبين مقصده أودية رديئة ومفارز مهلكة وقطاع وشأنه أن لا يقيم لحظة ولا يسكن لمحة قال بعض العارفين‏:‏ الأرواح خلقت قبل الأجساد ثم أفيضت من عالمها العلوي النوراني فأودعت هذا الجسد الترابي الظلماني فاجتمعا اجتماع غربة كل منهما يشير إلى وطنه ويطير إلى مسكنه فالبدن أخلد إلى الأرض والروح بدون السموّ لم ترضَ‏.‏

راحت مشرقة ورحت مغرباً * شتان بين مشرق ومغرب

- ‏(‏خ‏)‏ في الرقاق ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ‏(‏زاد حم د ت ه وعد نفسك من أهل القبور‏)‏ أي استمر سائراً ولا تفتر فإن قصرت انقطعت وهلكت في تلك الأودية فلا تتنافس في عمارة الدور فعل المستوطن المغرور فيأتيك الموت من غير استعداد وتقدم على سفر الآخرة بغير زاد، رواه العسكري وزاد‏:‏ إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح وخذ من صحتك لسقمك ومن حياتك لموتك فإنه لا تدري ما اسمك غداً قالوا‏:‏ وذا من جوامع الكلم‏.‏

6422 - ‏(‏كن ورعاً تكن أعبد الناس‏)‏ أي داوم عليه في جميع الحالات حتى يصير طبعاً لك فتكون أعبد الناس لدوام مراقبتك واشتغالك بأفضل العبادات بظاهرك وباطنك بإيثار حقك على حظك وهذا كمال العبودية ولهذا قال الحسن‏:‏ ملاك الدين الورع وقد رجع ابن المبارك من خراسان إلى الشام في رد قلم استعاره منها وأبو يزيد إلى همدان لرد نملة وجدها في قرطم اشتراه وقال‏:‏ غريبة عن وطنها وابن أدهم من القدس للبصرة لرد تمرة، فانظر إلى قوة ورع هؤلاء وتشبه بهم إن أردت السعادة ‏(‏وكن قنعا تكن أشكر الناس‏)‏ لأن العبد إذا قنع بما أعطاه اللّه رضي بما قسم له وإذا رضي شكر فزاده اللّه من فضله جزاء لشكره وكلما زاد شكراً ازداد فضلاً ‏{‏لئن شكرتم لأزيدنكم‏}‏ ‏(‏وأحب للناس ما تحب لنفسك‏)‏ من الخير ‏(‏تكن مؤمناً‏)‏ أي كامل الإيمان لإعراضك عن هواك وإن لم تحب لهم ما تحب لنفسك فأنت مؤمناً ناقص الإيمان لمتابعتك هواك ‏(‏وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلماً‏)‏ أي كامل الإسلام فإن المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه ‏(‏وأقل الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب‏)‏ وفي رواية البيهقي بدله فإن في كثرة الضحك فساد لقلب وإذا فسد القلب فسد الجسد كله‏.‏